
ميليشيا "عصائب أهل الحق" تتهم فالح الفياض بالتواطؤ مع تركيا

تُواصل ميليشيا "عصائب أهل الحق" معركتها مع فالح الفياض، وهذه المرة عبر تسليط الضوء على ارتباطه المزعوم بتركيا، وذلك في محاولة لتقويض موقعه كأمين عام لـ"قوات الحشد الشعبي".
تصاعد الخلاف السياسي بين ميليشيا "عصائب أهل الحق" الشيعية ورئيس "قوات الحشد الشعبي" فالح الفياض، بعدما بدأ حول "قانون الخدمة والتقاعد" المقترح من قبل الحشد، ليتحول إلى مواجهة أكثر حدة. وقد شنت "عصائب أهل الحق" حملة تتهم الفياض بخدمة المصالح التركية، في مؤشر واضح على تعمق الانقسام داخل "الإطار التنسيقي"، بينما تستعد البلاد للانتخابات البرلمانية المقررة في 11تشرين الثاني/ نوفمبر 2025.
جاءت أولى الضربات العلنية في 31 آذار/ مارس، حين استخدم الأمين العام لميليشيا "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، خطبة عيد الفطر ليزعم أن "هناك ميليشيات تضم آلاف المقاتلين الذين تم تدريبهم، وتمويلهم، وقيادتهم بشكل كامل من قبل تركيا... إنهم عراقيون من محافظتي نينوى وكركوك، وقد أُرسلوا إلى تركيا حيث خضعوا للتدريب... وبعضهم لا يزال يتلقى رواتب من تركيا. وتُعرف هذه القوات رسميًا بـ"قوات حرس نينوى" و"قوات درع كركوك". وقد تم دمج جزء منهم في "قوات الحشد الشعبي"... ويتقاضون رواتبهم تحت اسم الحشد، وتحديداً ضمن "اللواء 59" في نينوى. أطالب بفتح تحقيق في هذه القضية" (انظر الشكل 1).
مهّدت اتهامات الخزعلي الطريق لشن هجمات إعلامية وسياسية ضد الفياض. ففي الخامس عشر من نيسان/ أبريل، استضافت قناة "العهد"، التابعة لـ"عصائب أهل الحق"، اللواء عبد الكريم خلف، المتحدث السابق باسم القائد العام للقوات المسلحة إبان حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، والذي يُعدّ اليوم من الشخصيات المقربة من "عصائب أهل الحق". وقال خلف: "سافر فالح الفياض على متن طائرة خاصة في ثلاث زيارات سرية إلى تركيا، زار خلالها إحدى القواعد العسكرية هناك. ولم تقتصر هذه الزيارات على قضية دمج تلك "قوات "حرس نينوى" و"درع كركوك" في "الحشد الشعبي"، بل هدفت أيضاً إلى طمأنة الأتراك بأن الحشد لا يُعادي تركيا" (انظر الشكل 2).
تُشكل تلك الاتهامات هجوماً مباشراً وغير مسبوق على الفياض، إذ يُتّهم بأنه عميل تركيا. وقد استعانت "عصائب أهل الحق" بمسؤول سابق رفيع المستوى لترويج هذه الاتهامات، في ما يبدو أنه محاولة لإضفاء مصداقية عليها وتقويض سمعة الفياض بشكل أعمق.
وفي السادس عشر من نيسان/أبريل، عرضت قناة "العهد" وثائق داخلية مزعومة، نُسبت إلى دائرة الاستخبارات والمعلومات التابعة للمديرية العامة للمعلومات في "قوات الحشد الشعبي". وزعمت الوثائق أن عدد حرس نينوى يبلغ 2119 فرداً، منهم 750 يتلقون رواتبهم من تركيا ومتمركزون في قاعدة زليكان، بينما يعمل 1519 تحت قيادة "اللواء 59" التابع لقوات الحشد الشعبي (وهو تقسيم، جدير بالملاحظة، لا يتطابق في المجموع، انظر الشكل 3). كما قدمت الوثائق تفاصيل دقيقة عن قيادة الجماعة وانتشارها، وصوَّرت "حرس نينوى" على أنهم يعملون فعلياً كوكلاء للأتراك (الشكل 4).
وسرعان ما رددت هذه الاتهامات شخصيات سياسية، من بينها النائب عن البصرة علاء الصباح الحيدري، المقرب من فصائل المقاومة، الذي ظهر أيضاً على قناة "العهد" وأشاد بالخزعلي لفضحه ما وصفه بـ "تهديد أمني كبير". وادعى الحيدري أن قوات "حرس نينوى" و"درع كركوك" هما من "صناعة تركية" واتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالسعي إلى التواجد في العراق. وأضاف الحيدري أن أجهزة الاستخبارات العراقية أكدت هذه التحركات بعد أن لفت الخزعلي الانتباه إليها، وحذر أهالي الموصل وكركوك لـ"الاستعداد للقتال" ضد هذه القوات، مدعياً أنها قد "تهاجم وتخرب المدن" في أي لحظة (الشكل 5). ومن الجدير بالذكر أن قاعدة زليكان تعرضت لهجمات متكررة بواسطة صواريخ فصائل المقاومة وطائرات بدون طيار.
على الرغم من الجهود المستمرة، فشلت "عصائب أهل الحق" حتى الآن في إقالة فالح الفياض، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى دعم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني له، بالإضافة إلى الدعم المستمر من إيران. وإحباطاً من هذا المأزق السياسي، ومع سحب "قانون الخدمة والتقاعد" المقترح من قبل "الحشد الشعبي"، صعدت "عصائب أهل الحق" حملتها إلى مستوى غير مسبوق، حيث اتهمت الفياض علناً بالتواطؤ مع تركيا، وحشدت وسائل الإعلام وحلفاءها السياسيين لتضخيم هذه التهم. ويمثل ذلك تحولاً ملحوظاً في موقف "عصائب أهل الحق"، حيث أصبحت أكثر استعداداً لمواجهة خصومها الشيعة داخل "الإطار التنسيقي"، ولم تعد تقتصر على المناورات خلف الكواليس. ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني/نوفمبر 2025، أصبحت هذه المواجهة علامة واضحة على تصاعد الصراعات الداخلية بين القوى الشيعية وانتشارها بشكل أكبر.