
الميليشيات تهدد بالتصعيد حال عدم تمرير مشروعَي قانون "قوات الحشد الشعبي"

تواصل الميليشيات الإرهابية المدعومة من إيران تصعيد تهديداتها ضد الولايات المتحدة والأقليات العراقية في حال عدم إقرار قوات الحشد الشعبي كمؤسسة دائمة.
هناك مشروعى قانون بشأن "قوات الحشد الشعبي "جاهزان للتصويت في البرلمان: الاول قانون تنفيذي لتحويل الحشد إلى مؤسسة دائمة، والثاني قانون الخدمة والتقاعد لـ"قوات الحشد الشعبي". إذا تم تمرير هذه الحزمة من القوانين، فإن "قوات الحشد الشعبي" ستتحول من هيئة مؤقتة تابعة لرئيس الوزراء – والتي يُعاد تخصيص تمويلها سنوياً في كل ميزانية – إلى مؤسسة ممولة بشكل دائم، على غرار الوزرات أو الهيئات المستقلة.
وقد حذرت الولايات المتحدة بوضوح وحزم من تمرير كلا القانونين. ففي 22 تموز/يوليو 2025، حذر وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي ماركو روبيو، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بشكل مباشر من "مخاوف الولايات المتحدة الجادة بشأن مشروعي قانون "الحشد الشعبي" المعلق حالياً في مجلس النواب، وحذر من أن القانون "سيؤسس نفوذ إيران والجماعات الإرهابية المسلحة، مما يقوض سيادة العراق". وأضافت الرسالة الخاصة وفقاً للتقارير أن تمرير مشاريع القوانين سيؤدي إلى "تغيير مسار العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق" وسيؤدي إلى فرض عقوبات اقتصادية، بما في ذلك على قطاع الطاقة العراقي.
كارثة كادت أن تقع في 2 آب/أغسطس
كرر السفير ستيفن فاجن، القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة في بغداد، هذه المخاوف مباشرة مع كبار السياسيين العراقيين طوال أواخر تموز/يوليو وأوائل آب/أغسطس، ومارس ضغوطاً خاصة على النائب الأول لمجلس النواب محسن المندلاوي في الثاني من آب/أغسطس. في ذلك اليوم، بدا أن "الإطار التنسيقي" قد اقترب بفارق 15 مقعداً من تحقيق النصاب القانوني، إذ حصل على 149 مقعداً من أصل 164 مقعداً مطلوباً لاكتمال النصاب القانوني. وفي خطوة غير معتادة، كشف المندلاوي علناً عن أسماء أعضاء البرلمان الغائبين وفرض غرامات عليهم في محاولة لجذب المزيد إلى قاعة البرلمان، في خطوة اعتبرها الكثيرون تكتيكاً ترهيبياً مدعوماً من قبل "المقاومة".
عمل المندلاوي، الذي يدوس علناً علي العلم الأمريكي ويدعى أنه "مستقل" رغم ارتباطه بـ" منظمة بدر"، عن كثب مع منظمة "عصائب أهل الحق" التي صنفتها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية أجنبية. وكما هو مشار إليه في الأقسام أدناه، كانت الجهود الرامية إلى تمرير مشروعي قانون "قوات الحشد الشعبي" بمثابة حملة منسقة للغاية شاركت فيها جماعات إرهابية مثل "كتائب حزب الله" و"عصاب أهل الحق "و"منظمة بدر" التي أنشأتها إيران ونائب رئيس البرلمان المندلاوي ومسؤولون إيرانيون ومجموعة من المشرعين العراقيين الشيعة.
"كتائب حزب الله" تهدد الوجود الأمريكي في العراق
لم تهدد "المقاومة" العراقيين فقط فيما يتعلق بحزمة القوانين، بل هددت أيضاً الأمريكيين. ففي 23 تموز/يوليو، وفي رد مباشر على تصريحات الوزير روبيو، أصدرت شخصية رقمية تُعرف باسم أبو علي العسكري، المرتبط برئيس الأمن في "كتائب حزب الله"، بياناً شديد اللهجة أشار فيه إلى أن القوات الأمريكية لم تفي باتفاقات الانسحاب السابقة: "ولم يتبق سوى شهرين على انتهاء الاتفاق بين "المقاومة الإسلامية في العراق" ورئيس الوزراء بشأن انسحاب القوات الأمريكية من العراق. لم نلحظ حتى الآن أي تغيير في الوضع الحالي للقوات الأمريكية. لذلك، "يجب أن يلتزم (رئيس الوزراء) بما اتفقنا عليه من إخراجهم أولاً من قيادة العمليات المشتركة، والمطار، وعين الأسد، وسحب طيرانهم بكل أنواعه من سماء العراق". وتابع البيان: "أعطيناه فرصة كافية وزيادة، ويجب الالتزام بها، وإلا سيكون لنا رأي آخر". (انظر الشكل 1).
"عصائب أهل الحق" تهدد الأقليات العراقية
في 27 تموز/يوليو، اتهم علي تركي، من كتلة "الصادقون" التابعة لـ"عصائب أهل الحق" في البرلمان، أعضاء البرلمان السنة والأكراد بعرقلة مشروع القانون. وقال: "بدأنا نسمع بعض الاعتراضات من السنة والأكراد، بدفع من الأمريكيين، ضد قانون "قوات الحشد الشعبي"... الكتلة الشيعية بأكملها في البرلمان تؤيد تمرير القانون ". كما اتبع تركي رواية "كتائب حزب الله" بشأن القوات الأمريكية، وأصدر دعوة خفية ولكنها تحريضية، مشيرا إلى أن "الأمريكيين قد ازداد عددهم في العراق مؤخرا" (انظر الشكل 2). ويُعتبر تركي من الشخصيات المعروفة في تغطية منصة "الأضواء الكاشفة للميلشيات"، وأشهر ما قاله هو وصف حكومة السوداني – بعد أشهر قليلة من توليها – بأنها "حكومة مقاومة ".
تنسيق الميليشيات قبل محاولة التصويت
في 30 تموز/يوليو، عقد أعضاء لجنة الدفاع والأمن في البرلمان اجتماعاً مغلقاً مع ممثلي "قوات الحشد الشعبي" (انظر الشكل 3). وكان من بين المشاركين رئيس اللجنة كريم المحمداوي (من منظمة بدر)؛ وصلاح التميمي، النائب المنشق عن "منظمة بدر" والمؤيد حالياً لـ"عصائب أهل الحق"، و"المستقل" الآخر المتعاطف مع" منظمة بدر"، يوسف الكلابي؛ بالإضافة إلى حسين مؤنس من "كتائب حزب الله"، والذي يُنظر إليه على نطاق واسع بوصفه الشخص الحقيقي وراء شخصية أبو علي العسكري على الإنترنت. وحضر الاجتماع أيضاً أبو منتظر الحسيني ممثلاً عن "قوات الحشد الشعبي"، وهو الأمين العام ورئيس العمليات السابق في المنظمة، الذي ساعد فالح الفياض في قتل وتعذيب واختطاف المتظاهرين عام 2019.
وفي مؤشر آخر على التنسيق العاجل، تنقل قائد "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني"، إسماعيل قاآني، أيضا عبر بغداد قبل محاولة تمرير مشاريع القوانين في 2 آب/أغسطس. وفي 3 آب/أغسطس، قدم النائب المحمداوي رسالة رسمية إلى رئيس البرلمان يطلب فيها إدراج قوانين "قوات الحشد الشعبي" على جدول الأعمال التشريعي (انظر الشكل 4). على الرغم من أن القضية قد تبدو كأنها قد هدأت اعتباراً من 5 آب/أغسطس، فإن أي اجتماع للبرلمان يحقق النصاب القانوني قد يشهد الآن جهوداً مفاجئة لطرح القوانين للتصويت. ومن المرجح أن تظل العلاقات العراقية – الأمريكية على حافة الهاوية حتى انتهاء ولاية البرلمان قبل الانتخابات في 11 تشرين الأول/أكتوبر أو في وقت قريب من ذلك.