
- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
هل سيكون لاتفاقية الدفاع الجديدة بين السعودية وباكستان تداعيات على انتشار الأسلحة النووية؟

تبدو الاتفاقية رمزية بالدرجة الأولى، نظراً إلى أن الرياض تُعد شريكاً تجارياً رئيسياً للهند، العدو التقليدي لباكستان، غير أنها قد تترك مع ذلك آثاراً مهمة تتعلق بالمخاوف الإقليمية بشأن انتشار الأسلحة النووية، وطموحات الطاقة النووية، فضلاً عن الدبلوماسية الأمريكية المرتبطة بها.
خلال زيارة رسمية إلى الرياض في 17 أيلول/سبتمبر 2025، انضم رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في توقيع "اتفاقية دفاع متبادل استراتيجية"، تنص على أن "أي عدوان على أي من البلدين يعتبر عدواناً على كليهما". من الناحية الدبلوماسية، يبدو أن هذه الخطوة تعبر عن إحباط المنطقة من واشنطن، الذي تفاقم في الأونة الأخيرة بسبب تعامل إدارة ترامب مع هجوم إسرائيل على قادة "حماس" داخل قطر. ومع ذلك، يُرجح أن الاتفاقية كانت قيد الإعداد منذ فترة ليست بالقصيرة؛ ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2024، زار قائد الجيش الباكستاني عاصم منير، الرياض لإجراء محادثات بشأن "سبل تعزيز التعاون الدفاعي"، ثم عاد إليها مرة أخرى في حزيران/يونيو الماضي برفقة رئيس الوزراء شريف، قبل أن يزورها للمرة الثالثة هذا الأسبوع لتوقيع الاتفاقية.
وتكهن البعض بأن السعوديين قد يتمكنون الآن من الوصول إلى الترسانة النووية الباكستانية. وعندما سُئل مسؤول سعودي رفيع المستوى من قبل وكالة رويترز عما إذا كانت باكستان ستكون ملزمة بتزويد المملكة بمظلّة نووية، أجاب: "هذا اتفاق دفاعي متكامل يتضمن جميع الوسائل العسكرية." ومنذ عام 1998، أنتجت باكستان ما يُقدر بنحو 170 رأساً نووياً قابلة للإطلاق بواسطة صواريخ باليستية أو طائرات أو صواريخ كروز.
وقد أصبحت طموحات الرياض النووية أكثر وضوحاً على مر السنين؛ ففي عام 2018، صرح ولي العهد الأمير محمد لبرنامج "60 دقيقة": "لا تريد السعودية الحصول على أي قنبلة نووية، ولكن إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسنحذو حذوها في أقرب وقت ممكن." وفي عام 2022، قال وزير خارجية المملكة في مؤتمر عُقد في دبي: "إذا حصلت إيران على سلاح نووي قابل للاستخدام، فسيكون كل شيء ممكناً." وعلى الرغم من أن البرنامج النووي الإيراني تلقى ضربة قوية نتيجة الحملات الجوية الأمريكية والإسرائيلية في حزيران/يونيو، فإن المخاوف ما تزال قائمة بشأن مواقع مخزوناته من اليورانيوم، الذي جرى تخصيبه معظمه إلى مستويات قريبة من الدرجة المستخدمة في الأسلحة.
ويُعتقد أن السعودية لديها خطط لإنشاء مصنع لتخصيب اليورانيوم باستخدام تقنية الطرد المركزي، كما أنها تقيد في الوقت الراهن وصول مفتشي "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" (IAEA). ويُقر مسؤولون غربيون مطلعون بأن المملكة كانت العميل الرابع غير المعلن لعالم الذرة الباكستاني الراحل الدكتور عبد القدير خان، الموزع الذي باع معدات الطرد المركزي لإيران وليبيا وكوريا الشمالية. وفي عام 1999، زار وزير الدفاع السعودي آنذاك، الأمير سلطان - الشقيق الأكبر للملك الحالي - المصنع الرئيسي للتخصيب في باكستان بمنطقة كاهوتا.
وتعود المخاوف بشأن خطط المملكة لامتلاك أسلحة نووية إلى عام 1988، حين اشترت صواريخ "دونغ فنغ- 3" البعيدة المدى والقادرة على حمل رؤوس نووية من الصين. ولم يكتشف المسؤولون الأمريكيون هذه الصفقة إلا عندما شوهدت الصواريخ تُنقل على شاحنات إلى مواقع الإطلاق في الصحراء السعودية.
في 15 أيلول/سبتمبر 2025، أوجز المدير العام لـ"الوكالة الدولية للطاقة الذرية" رافائيل غروسي التحدي الأوسع نطاقاً بقوله: "حتى داخل بعض الدول الملتزمة بتعهداتها بموجب "معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية"، هناك الآن نقاشات علنية حول ما إذا كان ينبغي السعي لامتلاك أسلحة نووية أم لا. تخيلوا عالماً تمتلك فيه عشرون أو خمس وعشرون دولة أسلحة نووية بدلاً من عدد محدود فقط."
وسيثير الاتفاق الباكستاني- السعودي قلق واشنطن أيضاً، نظراً لأنه قد يؤثر على الترتيب النووي المأمول مع الولايات المتحدة، الذي من المرجح أن يشكل مكملاً لمسار التطبيع بين إسرائيل والسعودية إذا ما أُعيد تفعيله. كما أن الاتفاق من شأنه أن يعرقل مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، الذي يهدف إلى إنشاء طريق تجاري بحري وبري يربط الهند بإسرائيل عبر السعودية والأردن. ومن المحتمل أن تتضح تفاصيل ومعاني اتفاق الرياض بصورة أوضح مع وصول رئيس الوزراء الباكستاني قريباً إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
سايمون هندرسون هو زميل أقدم في برنامج الزمالة "بيكر" ومدير "برنامج برنشتاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن، ومتخصص في شؤون الطاقة والدول العربية المحافظة في الخليج العربي.