
زعيم "كتائب حزب الله" يدعو إلى الحذر في التعامل مع الولايات المتحدة

دعا أبو حسين مقاتلي الجماعة إلى مواصلة ضبط النفس، فيما يبدو أنه تعبير عن تفضيل إيران للتهدئة في ظل استمرار المفاوضات النووية مع واشنطن.
في الثالث عشر من نيسان/أبريل، أصدر الأمين العام لـ "كتائب حزب الله"، أحمد محسن فرج الحميداوي (المعروف باسم أبو حسين)، بياناً دعا فيه أعضاء الميليشيا إلى (1) ممارسة ضبط النفس عسكرياً و(2) التركيز على الانتخابات المقبلة في العراق (الشكل 1). وجاءت الترجمة الإنجليزية للجزء الرئيسي من البيان على النحو التالي:
"إن ما يمر به العراق والمنطقة في هذه اللحظة يُعد أكثر المراحل حساسية وخطورة، مما يتطلب منا فهمه والتعامل معه بمسؤولية ووعي وحكمة، ضمن الأطر والضوابط والالتزامات القانونية [الإسلامية]". ومن شأن هذا النهج أن يُحبط محاولات الأعداء والمتربصين بأمتنا وشعبنا، ويُمكّننا من الاستمرار، كما كنا دوماً، في الدفاع عن الحق وبناء المستقبل."
"مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، نذكركم بأن المشاركة الفعالة في الانتخابات تُعد خطوة أساسية لا ينبغي إغفالها أو إهمالها (ملاحظة: هذه الجملة مقتبسة من سورة الذاريات في القرآن الكريم: "وذكّر، فإن الذكرى تنفع المؤمنين"). وعلى إخواننا وأخواتنا الاستعداد للانتخابات بحماس وجدية، وأن يبادروا إلى تحديث بياناتهم في الوقت المناسب، حتى لا يُفرطوا في حقوقهم وحقوق أسرهم وبلدهم، إذ إن الإهمال في هذا الشأن لا يخدم إلا الفاسدين ومن يدعمهم."
"من واجبنا أن نعمل جميعاً معاً للحفاظ على الثقة، وتحقيق العدالة، وتعزيز الازدهار، وترسيخ القوة في بلد أمير المؤمنين (عليه السلام). ويجب أن نكون حصناً يدافع عن القيم، وينصر المظلومين، ويقف بصلابة في وجه الظالمين".
ليست هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها أبو حسين إلى إصدار بيان عام للدعوة إلى الالتزام بسياسة ضبط النفس في مرحلة حساسة. ففي كانون الثاني/يناير 2024، أصدر بياناً أعلن فيه تعليق العمليات العسكرية عقب غارة بطائرة مسيرة في الأردن أسفرت عن مقتل ثلاثة أمريكيين وإصابة عدد آخر. في ذلك الوقت، قدرت منصة "الأضواء الكاشفة للميلشيات" أن هدفه كان تهدئة الوضع ومنع عملية عسكرية أمريكية وشيكة، مع دعم الخطاب الإعلامي الإيراني.
من المرجح أن يكون هذا البيان الأخير محاولة لتحقيق ثلاثة أهداف. أولاً، من المحتمل أن أبو حسين و"كتائب حزب الله" يتبعان توجيهات صادرة عن "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني" لتجنب التصعيد أو سوء التقدير- ومن هنا جاءت الحاجة المعلنة للعمل ضمن "إطار من الضوابط والالتزامات الإسلامية". وتنبع هذه الحاجة من الحساسيات الحالية المتعلقة بمفاوضات طهران النووية مع إدارة ترامب، فضلاً عن التوترات الإقليمية الأوسع نطاقاً. ومن الجدير بالذكر أن ميليشيات عراقية أخرى مدعومة من إيران تبدو أيضاً متوافقة مع هذا الموقف المتحفظ. على سبيل المثال، خففت كل من حركة "حزب الله النجباء" و "كتائب سيد الشهداء"، المعروفتان بتصريحاتهما العدوانية المتكررة، من لهجتهما خلال الأسابيع الأخيرة.
ثانياً، يسعى أبو حسين على الأرجح إلى طمأنة القاعدة الشعبية لـ"كتائب حزب الله" و"محور المقاومة" الأوسع نطاقاً، التي تشعر بالإحباط بسبب الانتكاسات الأخيرة التي تعرضت لها إيران ووكلاؤها في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ومن المرجح أن تصبح هذه القاعدة الشعبية مضطربة في غياب توجيه فعال، وقد تشن هجمات غير مصرح بها ومضرة على إسرائيل أو القوات الأمريكية إذا أدركت أن قادتها لا يتخذون الإجراءات اللازمة. ومن خلال تصوير الوضع الراهن كمنعطف حرج يستوجب ضبط النفس، يبرر أبو حسين هذا التوقف التكتيكي، مع تأكيده مجدداً على الرؤية طويلة الأمد للجماعة ومصداقيتها في مسار "المقاومة".
ثالثاً، يكشف أبو حسين عن أهم جهد تبذله "المقاومة"، وهو السعي إلى تحقيق نتائج قوية في الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر، حيث يُعد الحفاظ على السيطرة على السلطة التشريعية، وبالتالي الاحتفاظ بالنفوذ على السلطة التنفيذية، أمراً بالغ الأهمية لإيران وشركائها من الميليشيات. فقد يؤدي فقدان النفوذ السياسي إلى تعريض مجموعة من المكاسب الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي تحققت في ظل البرلمان الحالي، لخطر شديد. وبناءً على ذلك، يتضمن البيان خطوات ملموسة تتعلق بتسجيل الناخبين، وذلك في تناقض لافت مع تصريحاته الأكثر عمومية حول الحاجة إلى ضبط النفس، مما يشير إلى مدى الأهمية التي يوليها قادة "كتائب حزب الله" للعملية الانتخابية.
توقُّف الهجمات لا يزال مستمراً في الوقت الراهن
تشير تصريحات أبو حسين إلى أن "كتائب حزب الله"، وربما فصائل "المقاومة" الرئيسية الأخرى، ستواصل الالتزام بضبط النفس عسكرياً ما دامت إيران تواصل التفاوض مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، أشار بعض الفاعلين إلى أن هذا الموقف يظل مشروطاً. فقد حذر صدر الدين القبانجي، أحد أعضاء المجلس الأعلى الإسلامي العراقي البارزين وإمام صلاة الجمعة في مدينة النجف، مؤخراً من أن الميليشيات العراقية ستستهدف الأصول الأمريكية في العراق إذا تعرضت إيران لهجوم. وفي خطبة ألقاها في 4 نيسان / أبريل، قال: "القواعد الأمريكية الخمس المعروفة في العراق... تقع ضمن مدى المدفعية الإيرانية... وفي اللحظة التي تُستهدف فيها إيران... سترونها تحترق.. في الواقع، إنها تقع ضمن مدى مدفعية شبابنا [في إشارة إلى الميليشيات].. هل تعتقدون أن شبابنا سيبقون صامتين؟ شبابنا لن يبقوا صامتين، ولا أحد يستطيع أن يقف في طريقهم" (الشكل 2).