

في أول بيان لـ"كتائب حزب الله" منذ تشرين الأول/أكتوبر، قدّم أحد الحسابات سيئة السمعة والمرتبطة بالجماعة على منصة "تليغرام" تحليلاً مفصلاً لرؤية "المقاومة" تجاه مجموعة من التطورات الأخيرة في العراق وسوريا وإيران.
في الثامن عشر من نيسان/أبريل، أصدر حساب "تليغرام" التابع لـ"كتائب حزب الله" والذي يحمل اسم "أبو علي العسكري"، أول بيان له هذا العام، ركز فيه على عدد من القضايا السياسية والتهديدات التي تواجه جماعة "المقاومة العراقية" البارزة. ويُظهر الشكل رقم (1) الترجمة الإنجليزية لهذا البيان.
بعد انقطاع طويل عن إصدار البيانات منذ تشرين الأول / أكتوبر، بدا أن لدى حساب العسكري الكثير ليقدمه. ويُعد البيان المنشور لافتاً للاهتمام، باعتباره على الأرجح بياناً سياسياً يُعبّر عن موقف بعض أو جميع أعضاء "كتائب حزب الله".
- معارضة إعادة تأهيل أحمد الشرع والحكومة السورية الجديدة. أعربت "كتائب حزب الله" وحلفاؤها عن بالغ قلقها إزاء نوايا السلطات التي أسقطت نظام الأسد وتولت الحكم في سوريا أواخر العام الماضي. وكانت إيران والكتائب وميليشيات شيعية أخرى قد قاتلت في السابق ضد الجماعات التي باتت اليوم تسيطر على دمشق. وقد سلط بيان "أبو علي" الضوء على ماضي الرئيس الشرع (المعروف أيضا بأبو محمد الجولاني) بوصفه متطرفاً سنياً، مشيرا إلى أن سوريا لا ينبغي أن يعاد تأهيلها داخل المجتمع الدولي تحت قيادته. كما أعربت كتائب "المقاومة" عن احتجاجها الشديد على دعوة الحكومة العراقية للشرع لزيارة بغداد الأسبوع الماضي.
2. إعادة تأمين المعابر الحدودية وخطوط الإمداد إلى سوريا. شكل سقوط نظام الأسد نكسة كبيرة لإيران و"كتائب حزب الله" وميليشيات المقاومة الأخرى، إذ أدى سقوط سوريا إلى فقدان السيطرة على موارد اقتصادية مهمة، وقواعد عسكرية، وخطوط إمداد استراتيجية. وفي أعقاب هذا السقوط، انسحبت العديد من الميليشيات الشيعية إلى العراق، إلا أن بعضها عاد إلى سوريا بصفة "زوار دينيين" بذريعة حماية المراقد الشيعية. وتعد استعادة بعض السيطرة على المواقع وخطوط الإمداد داخل سوريا أولوية لإيران والكتائب، بهدف دعم حلفائهم مثل "حزب الله" اللبناني، وخلق خيارات حرب غير نظامية ضد السلطات الجديدة، وتأمين المصالح الاقتصادية من جديد.
3. مواصلة الضغط لطرد القوات الأميركية. يُعد إزالة الوجود الأميركي من العراق والمنطقة هدفاً طويل الأمد لـ"كتائب حزب الله" وبقية فصائل المقاومة. وقد بدا هذا الهدف قابلاً للتحقيق في خريف العام الماضي، حين أعلنت واشنطن اتفاقاً مع بغداد لإنهاء عمليات التحالف بحلول نهاية عام 2025. لكن منذ ذلك الحين، وردت تقارير تفيد بأن بعض القادة العراقيين يدرسون تأجيل الانسحاب بسبب مخاوف من عدم الاستقرار في سوريا، وهو ما أثار غضب قيادات وأفراد "كتائب حزب الله"، الذين اعتادوا على وعود الانسحاب الأميركي التي لم تتحقق.
4. الاستعداد الدائم لضرب الأهداف الأميركية والإسرائيلية. تخضع "كتائب حزب الله" منذ أكثر من عام لهدنة فعلية فرضتها إيران. ويُرجّح أن عناصرها يشعرون بالإحباط وهم يشاهدون من بعيد إسرائيل تواصل عملياتها القتالية في غزة، والولايات المتحدة تشن غارات جديدة على الحوثيين في اليمن. وفي 13 نيسان/أبريل 2025 ، دعا الأمين العام للكتائب، أبو حسين (أحمد محسن فرج الحميداوي)، أتباعه إلى ضبط النفس والتركيز على الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة. غير أن بيان "أبو علي" بدا كأنه يطمئنهم بأن فرصة الرد قادمة، حيث ألمح إلى أن الأعداء "سيدفعون ثمناً باهظاً"، مما يستدعي استعداد العناصر المسلحة لاستئناف الهجمات.
5. معارضة عودة حكومة الكاظمي. تُبدي "كتائب حزب الله" وقيادتها عداءً شديداً لرئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، الذي دعم جهود الحد من نفوذ الميليشيات، وحقق في قضايا فسادها، ووافق في بعض الحالات على اعتقال أفراد من الكتائب وقادة من فصائل المقاومة. وقد عاش الكاظمي في منفى فعلي لأشهر، قبل أن يعود إلى بغداد في شباط/فبراير 2025، لأول مرة منذ عامين. وعلى الرغم من ضعف فرص فوزه في الانتخابات المقبلة، تسعى الكتائب لإفشال أي احتمال لعودته أو عودة أنصاره إلى السلطة.
6. التقليل من أهمية المحادثات النووية الإيرانية. جاء بيان أبو علي متجاهلاً إلى حد كبير المفاوضات النووية الجارية بين طهران وواشنطن. وقد يكون هذا الأمر مفاجئاً في ظاهره نظراً لأهمية هذه المحادثات بالنسبة للراعي الرئيسي لـ "كتائب حزب الله". ومع ذلك، من المرجح أن تكون إيران قد عملت على تقييد النشاط العسكري للميليشيات جزئياً لتجنب أي تشتيت قد يعرقل المفاوضات. وبالتالي فإن اعتبار المحادثات "شأناً خاصاً" بإيران قد يكون الهدف منه توجيه رسالة إلى القواعد الشعبية لـ "كتائب حزب الله" مفادها أن فرصة التحرك لا تزال قائمة إذا فشلت المحادثات، وأن "كتائب حزب الله" ليست مرتهنة بالكامل لدبلوماسية طهران الدولية.
وتجدر الإشارة إلى توقيت البيان، إذ كان حساب "أبو علي" ناشطاً جداً في السابق بشأن قضايا الكتائب، لكنه التزم الصمت منذ تشرين الأول/أكتوبر. وجاء قرار إعادة تفعيل الحساب بعد أقل من أسبوع على بيان "أبو حسين"، الذي دعا فيه إلى ضبط النفس والتركيز على الانتخابات. وقد تضمن بيان أبو علي مطالب أوسع وطرح سياسات أكثر تفصيلاً، ما يثير تساؤلات لدى المحللين عما إذا كان البيانان متكاملين أم متعارضين؛ وفي حال تعارضهما، قد يكون ذلك مؤشراً على وجود انقسامات داخل "كتائب حزب الله". من المحتمل أيضاً أن يكون حساب "أبو علي" على "منصة تليغرام" - والذي لم تعد هويته مؤكدة - قادراً على استخدام لهجة أشد من تلك التي يستخدمها "أبو حسين"، المعروف مكانه والذي قد يكون عرضة لضربات أميركية أو إسرائيلية.