
- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 4115
بعد عامين على هجوم ٧ أكتوبر: التداعيات على إسرائيل والشرق الأوسط وسياسة الولايات المتحدة

ينضم مسؤول إماراتي وخبير إسرائيلي إلى اثنين من المسؤولين الأمريكيين السابقين لمناقشة التداعيات المستمرة لهجوم حركة "حماس"، بما في ذلك التوقعات المعدلة لعملية السلام في ظل الزخم الدبلوماسي المتجدد الذي تقوده إدارة الرئيس ترامب.
في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 2025، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي شارك فيه يوسي كلاين هاليفي، وعلي النعيمي، ودانا سترول، ودينيس روس. يشغل هاليفي منصب زميل بارز في معهد شالوم هارتمان في القدس، بينما يُعد النعيمي عضواً في المجلس الوطني الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يرأس لجنة الشؤون الدفاعية والداخلية والعلاقات الخارجية. أما سترول فهي مديرة الأبحاث وزميلة كاسين البارزة في معهد واشنطن، وقد شغلت سابقاً منصب نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط في البنتاغون. أما روس، الزميل المتميز في المعهد، فقد شغل مناصب رفيعة في البيت الأبيض في إدارات ديمقراطية وجمهورية متعددة.
وفيما يلي ملخص للملاحظات التي قدمها المشاركون، علماً بأنه لا يجوز الاستشهاد بها كاقتباسات مباشرة منهم.
يوسي كلاين هاليفي
بالنسبة للإسرائيليين، أدت أحداث السابع من أكتوبر إلى استنتاجين رئيسيين: الأول، أنه لا توجد صيغة يمكن أن يقبل بها الرأي العام الإسرائيلي بـحل الدولتين، والثاني، أنه لا يمكن للفلسطينيين والإسرائيليين التعايش ضمن كيان سياسي واحد. وعليه، فإن أي نقاش سياسي مستقبلي حول العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية سيتمحور حول هذين الاستنتاجين المتناقضين بطبيعتهما.
في البداية، بدا الهجوم الإسرائيلي على مدينة غزة خطوة غير موفقة، لكن الحملة مارست ضغطاً واضحاً على حركة "حماس" وعلى القادة العرب لتسريع الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب. وقد لعبت عائلات الرهائن دوراً بارزاً، بشكل خاص في حشد التعاطف الشعبي واستقطاب الاهتمام الدولي. ومن خلال مزيج من اليأس والحسابات الاستراتيجية الدقيقة، تمكنت عائلات الرهائن من إقناع الرئيس ترامب بأنه وحده - وليس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو - هو القادر على تحرير الرهائن. وقد دفع هذا النداء المباشر ترامب إلى إبداء اهتمام شخصي عميق بالقضية، ومواءمة تدخله الدبلوماسي مع الضغط العسكري المتواصل من جانب إسرائيل. ويبدو أن الجهدين، الدبلوماسي الأمريكي والعسكري الإسرائيلي، قد عملا معاً بتكامل واضح للوصول بمفاوضات وقف إطلاق النار إلى مرحلتها الحالية. فقد كان من غير المرجح أن ينهي نتنياهو الحرب من دون ضغط مباشر من البيت الأبيض، ومن خلال تدخله وفر ترامب له مخرجاً سياسياً ملائماً.
وفي الوقت نفسه، إذا أسفرت المفاوضات الجارية في مصر عن إطلاق سراح الرهائن والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، فمن المرجح أن تتعمق الانقسامات السياسية الداخلية في إسرائيل. ومن المتوقع أن يتخذ عدد من الأعضاء البارزين في حكومة نتنياهو، ومن بينهم إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، موقفاً معارضاً لرئيس الوزراء قبل إجراء انتخابات مبكرة محتملة. من جانبه، يُتوقع أن يسعى نتنياهو إلى استثمار اللحظة بالدعوة إلى انتخابات في أقرب وقت ممكن، آملاً أن يبني حملته الانتخابية على نجاح الاتفاق الذي صرح في البيت الأبيض الأسبوع الماضي بأنه حقق أهداف حكومته من الحرب. ومع ذلك، يبقى من غير المرجح أن تبدأ إسرائيل عملية تعاف وطني ومصالحة ومساءلة ما دامت تحكمها ائتلافات مشابهة للائتلاف الحالي.
أما بالنظر إلى المستقبل، فـيتعين على القادة العرب تكثيف جهودهم للتواصل المباشر مع الرأي العام الإسرائيلي كجزء من أي استراتيجية لمرحلة ما بعد الحرب. وبالنسبة إلى إسرائيل، فإن الطريق إلى الأمام يتطلب تحولاً تدريجياً في المفاهيم – بعيداً عن عقلية الضم ونحو إطار عملي مع الفلسطينيين يمكن، مع مرور الوقت، أن يشكل أساساً لنهج مختلف لا يسيطر فيه كيان واحد على الشعبين.
علي النعيمي
تمثل اتفاقيات "أبراهام" أكثر من مجرد تطبيع دبلوماسي. فمنذ البداية، رأت أبو ظبي فيها مشروعاً للتكامل الإقليمي الكامل، يدمج إسرائيل في الشرق الأوسط عبر شراكة حقيقية ودبلوماسية تقوم على التواصل بين الشعوب. في الإمارات العربية المتحدة، لا يُقبل الإسرائيليون فحسب، بل يُرحب بهم من قبل الحكومة والمجتمع معاً. وعلى الرغم من أن الإمارات لا تتفق مع كثير من سياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية، فإنها رفضت اتباع المعيار الإقليمي القائم على التعبير عن الاستياء من خلال سحب السفراء أو إغلاق السفارات. وبدلاً من ذلك، ظلت ملتزمة بسياسة الانخراط، إيماناً بأن دمج إسرائيل يعزز أمن الإمارات والاستقرار الجماعي للمنطقة.
وبناءً على ذلك، تواصل الإمارات دعم القضية الفلسطينية مع الحفاظ على علاقاتها مع الجمهور الإسرائيلي، مؤكدة أن الحكومات قد تتغير، لكن العلاقات بين الشعوب يجب أن تستمر. ومن وجهة نظر أبو ظبي، فإن أمن إسرائيل يشكل ضرورة إقليمية لا يمكن تحقيقها إلا عبر شراكة بين القطاعين العام والخاص. أما الهدف، كما ترى الإمارات، فـهو أن تتجاوز إسرائيل نظرتها إلى المنطقة من منظور أمني بحت، وأن تتبنى بدلاً من ذلك رؤية تقوم على الشراكة والمسؤولية المشتركة – وهي مقاربة يمكن أن تحول المنطقة وتمكن شعوبها جميعاً من التمتع بالأمن والسلام والازدهار.
مع الاعتراف بإنجازات إسرائيل العسكرية في مواجهاتها مع "حزب الله" وسوريا وإيران، تحذر الإمارات العربية المتحدة من أن مثل هذه الانتصارات يجب أن تترجم إلى تقدم سياسي حقيقي، وإلا فإنها تخاطر بإطالة أمد دوامة الصراع. كما ترى الإمارات أن القيادة التي يبديها الرئيس ترامب في الدبلوماسية الشرق أوسطية تمثل فرصة لمعالجة قضية غزة، وإنعاش جهود السلام، وفي نهاية المطاف وتوسيع اتفاقيات "أبراهام".
ترى أبو ظبي أن تزايد عزلة إسرائيل يهدد بتقويض صورتها الدولية ويعمق إحساس مواطنيها بالانفصال عن العالم. وللحد من هذا الاتجاه، تشجع الإمارات على بناء شراكات أوسع بين المجتمع المدني والقطاع الخاص والهيئات الدينية بما يعزز التواصل والانفتاح.
وعلى صعيد المستقبل، تسعى الإمارات إلى إقناع الرأي العام الإسرائيلي بأن التكامل الإقليمي يوفر مستقبلاً أكثر أمناً وازدهاراً للجميع. وقد أصبح نزع سلاح حركة "حماس" - الذي كان مطلباً إسرائيلياً في السابق - هدفاً إقليمياً مشتركاً يرتبط بالتزامات السلام وحل الدولتين. وهذا الهدف، كما تؤكد الإمارات، يشكل عنصراً أساسياً في أمنها القومي، وليس في أمن إسرائيل فحسب.
أما فيما يتعلق بالترتيبات الأمنية المستقبلية في غزة، فـتتصور أبو ظبي برنامجاً لتدريب قوات الأمن الفلسطينية في مصر والأردن لتتولى مهام الأمن الداخلي، بينما تتكفل قوات عربية وإسلامية بتأمين الحدود ودعم جهود إعادة الإعمار.
دانا سترول
يسود تفاؤل حذر أجواء مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية. فبعد مرور عامين، تبلور إجماع عالمي واسع حول مجموعة من الأهداف الرئيسية: تحرير الرهائن، ونزع سلاح حركة "حماس"، وضمان تدفق المساعدات إلى غزة، والانتقال نحو مسار سياسي جديد. وتتفق الحكومات العربية والإسلامية اليوم مع الولايات المتحدة وإسرائيل على دعم خطة ترامب المكونة من عشرين نقطة، فيما انضمت تركيا إلى كل من قطر ومصر في ممارسة الضغط على "حماس". ويشكل ذلك تحولاً جوهرياً مقارنة بالجهود الدبلوماسية السابقة، حين سعت الأطراف المعنية عمداً إلى تجنب التفاوض في العلن وقَصر المحادثات على نطاق ضيق.
ومع ذلك، ما تزال "حماس" متمسكة بنهجها السابق، إذ تصدر بيانات توحي بانفتاحها على إطلاق سراح الرهائن فقط لعرقلة المفاوضات اللاحقة. كما تستمر الخلافات حول تفاصيل التنفيذ، بما في ذلك مسألة ما إذا كانت "حماس" قادرة على تسليم جميع الرهائن المتبقين، وآليات تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، وخطوط انسحاب القوات الإسرائيلية.
أما فيما يخص العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فقد أظهرت بعض جوانبها قدراً من الصلابة، بينما بدت جوانب أخرى أكثر هشاشة. فالهيكل الأمني الإقليمي المدعوم من قبل الولايات المتحدة ظل مستقراً إلى حد كبير، إذ تواصل الدبلوماسية الأمريكية التي أسفرت عن معاهدات السلام بين مصر وإسرائيل والأردن وإسرائيل، ولاحقاً اتفاقيات "أبراهام"، دعم الاستقرار الإقليمي.
وبعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تعمق التعاون العسكري بين البلدين، مدعوماً بـاندماج إسرائيل في القيادة المركزية الأمريكية، وتوسيع اتفاقيات "أبراهام"، والدعم القوي من السلطة التنفيذية في واشنطن – سواء من خلال إمدادات مخزونات الجيش الأمريكي أو تعزيز الوجود العسكري في المنطقة.
لكن في المقابل، يتآكل الدعم التقليدي القوي لإسرائيل داخل الكونغرس من كلا الحزبين، ومع تزايد تساؤلات الأجيال الشابة حول طبيعة هذه العلاقة، فمن غير المرجح أن يتبنى الرؤساء القادمون الموقف المؤيد لإسرائيل نفسه الذي تبناه بايدن وترامب. كما أصبحت المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل خاضعة لتدقيق متزايد، فيما تتأثر القدرة الدبلوماسية الأمريكية بشغور مناصب السفراء وعدد من المناصب العليا في واشنطن.
وعلى الصعيد الإقليمي، تتعرض جهود التكامل لضغوط بعد الضربة التي وجهتها إسرائيل إلى الدوحة، والتي اعتبرها بعض الشركاء الإقليميين هجوماً مباشراً على قطر لا على "حماس". وسيتطلب إصلاح العلاقات الإقليمية قيادة فعالة في القدس وواشنطن وسائر العواصم العربية، إلى جانب رؤية واقعية ومقنعة لـ"اليوم التالي" في غزة.
قد يسهم تجدد انخراط الرئيس ترامب في مفاوضات وقف إطلاق النار في إحياء الزخم الدبلوماسي إذا ما اقترن بتركيز مستمر وفريق كفء من الخبراء والدبلوماسيين وموظفي الدعم يتولون استكمال التفاصيل الفنية. وسيعتمد تحقيق النجاح على التنفيذ العملي الدقيق، بما في ذلك تحديد الجهات المساهمة، ووضع الجداول الزمنية، وإنشاء آليات واضحة لتنسيق المساعدات. كما يتعين على القادة العرب مواصلة الحوار ليس فقط مع الرأي العام الإسرائيلي، بل أيضاً مع أعضاء الكونغرس الأمريكي. في نهاية المطاف، سيعتمد الاستقرار الدائم على تعزيز المشاركة بين الأديان، وتوسيع الشراكات بين منظمات المجتمع المدني والحكومات لتحقيق تحول مفاهيمي شامل في المنطقة.
دينيس روس
تستند خطة الرئيس ترامب الخاصة بغزة، ولا سيما ما يتعلق بمكون "اليوم التالي"، إلى إطار عمل وضع أصلاً خلال إدارة بايدن. وتتألف هذه الخطة من أربع ركائز رئيسية: مجلس إقليمي ودولي يرأسه شخصية عالمية تحظى بالمصداقية للإشراف على الحوكمة؛ وهيئة إدارية تنفيذية يومية يقودها فلسطينيون تكنوقراطيون غير منتمين إلى حركة "حماس" أو إلى السلطة الفلسطينية؛ وقوة استقرار دولية تتولى ضمان الأمن؛ وأخيراً عملية لإعادة الإعمار ترتبط بشكل مباشر بنزع السلاح، إذ لن تقدم أي دولة على الاستثمار في غزة ما دامت "حماس" تحتفظ بقدرتها على إعادة التسلح وإعادة بناء بنيتها التنظيمية.
وترتكز الخطة على شرطين أساسيين: ضرورة إلحاق هزيمة عسكرية بـ"حماس"، ووجوب إيجاد بديل واقعي لحكمها قبل انتهاء الحرب. وفي ظل الخلافات القائمة حول دور السلطة الفلسطينية، لم تبذل إدارة بايدن جهداً كافياً أو سريعاً للوصول إلى توافق حول هذا الإطار. فقد عارض نتنياهو أي دور للسلطة الفلسطينية، في حين أراد عدد من القادة العرب إشراكها جزئياً على الأقل، مع التأكيد أحياناً على الحاجة إلى إصلاح حقيقي إذا ما كانت ستتولى مسؤولية الحكم بعد المرحلة الانتقالية. وبسبب غياب الزخم السياسي الحاسم، لم تتمكن واشنطن من التوصل إلى اتفاق قبل انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر الماضية. وعلى الرغم من إبرام اتفاق جزئي يتعلق بالرهائن ووقف إطلاق النار قبيل تسلم الرئيس ترامب مهامه مباشرة، رفض نتنياهو المضي قُدُماً إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، ويبدو أن ترامب منحه ضوءاً أخضر لتحقيق نصر عسكري.
ومع ذلك، لم يكن هذا الترخيص مفتوحاً، حيث يمارس ترامب الآن ضغوطاً على نتنياهو والقادة العرب، مستغلاً نفوذه السياسي لإتمام إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب. وقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أن نتنياهو لا يستطيع أن يرفض طلب الرئيس: فقد استأنف المساعدات الإنسانية بعد أن قال ترامب إن هناك مجاعة في غزة (وهو ما كان نتنياهو قد نفاه سابقاً)؛ وأعاد الطائرات الإسرائيلية التي كانت على وشك الرد على إطلاق صاروخ إيراني بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ؛ واعتذر لرئيس وزراء قطر عن ضربة الدوحة. ولا شك أن انسجام الحكومات العربية مع جهود ترامب لإنهاء الحرب لعب دوراً في مثل هذه القرارات. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات رئيسية، لا سيما تنفيذ نزع سلاح "حماس" والتحقق منه، وهو أمر مرتبط مباشرة بانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.
في المستقبل، سيكون من الضروري حماية السكان الفلسطينيين، ويجب على إسرائيل بذل جهود جادة لإصلاح صورتها العالمية – وهو أمر لا تملك الحكومة الحالية المقومات اللازمة لتحقيقه. وسيعتمد التقدم الدائم على مشاركة مستمرة من الولايات المتحدة، مدعومة بفريق متخصص من الدبلوماسيين وخبراء الأمن والمستشارين القانونيين لضمان السير على طريق السلام.
أعدت هذا الملخص سارة بوشيس. أصبحت سلسلة منتدى السياسات ممكنة بفضل سخاء "عائلة فلورنس" و "روبرت كوفمان"