- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 4130
إزالة تصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب: الحفاظ على النفوذ وضمان المساءلة
في الوقت الذي تفكّر فيه إدارة ترامب في رفع اسم سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ينبغي عليها تعزيز عوامل النجاح مع الحفاظ على الجاهزية لاحتمالات الفشل أو عدم وفاء دمشق بالتزاماتها.
سيزور الرئيس السوري أحمد الشرع واشنطن في 10 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد نحو ستة أشهر من لقائه الأول بالرئيس ترامب. وقد صرح المبعوث الخاص الأمريكي توم باراك أن الشرع سيوقع – "على أمل" – اتفاقيةخلال هذه الزيارة للانضمام إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم "داعش". وكجزء من هذه العملية، يُرجّح أن تتحرك الإدارة لرفع اسم سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب. ويمكن تقديم مبررات قوية لهذا القرار، بالنظر إلى المرونة الموجودة في قوانين تصنيف الدول الراعية للإرهاب والخطوات التي اتخذها الشرع بالفعل ضد تنظيم الدولة الإسلامية و"حزب الله" وإيران. ومع ذلك، إذا اتبعت الإدارة هذا المسار، فهناك خطوات ينبغي اتخاذها – ضمن إطار قائمة الدول الراعية للإرهاب وما بعدها – للحفاظ على النفوذ الأمريكي وضمان مساءلة دمشق إذا فشلت في الوفاء بالتزاماتها في مكافحة الإرهاب.
فرصة مشروطة بعدة متطلبات
توجد سوريا على قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ أن أنشأ الكونغرس هذه القائمة عام 1979، ما يجعلها العضو الأطول أمداً في هذا النادي غير المرغوب فيه. ومنذ أن التقى الرئيس ترامب بالشرع للمرة الأولى في أيار/مايو، أوضح اعتقاده بوجوب منح سوريا فرصة للنجاح، وأن العقوبات الثقيلة المفروضة عليها قد تؤثر في قدرتها على تحقيق ذلك. وفي أمرٍ تنفيذي صدر في حزيران/يونيو، وجّه ترامب وزير الخارجية ماركو روبيو إلى مراجعة إدراج سوريا على القائمة، محذراً من أنه – قبل إزالتها – ستحتاج دمشق إلى إظهار تقدم في معالجة التهديد الإرهابي الأجنبي، وترحيل الإرهابيين الفلسطينيين، وحظر الجماعات الإرهابية الفلسطينية، ومساعدة واشنطن في منع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، وتحمّل مسؤولية مراكز احتجاز مقاتلي التنظيم في شمال شرق سوريا.
تاريخ سوريا الطويل على قائمة الدول الراعية للإرهاب
صُنّفت سوريا كدولة راعية للإرهاب إبّان حكم حافظ الأسد، وبقيت على القائمة في عهد ابنه بشار. وقد أُدرجت بدايةً لدعمها جماعات مثل منظمة التحرير الفلسطينية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وعلى مرّ السنين، استشهدت وزارة الخارجية الأمريكية بمجموعةٍ من الأنشطة الخبيثة لتفسير سبب بقاء سوريا على القائمة، بما في ذلك علاقتها العميقة مع "حزب الله"، واستعدادها للسماح لـ"حماس" و"الجهاد الإسلامي الفلسطيني" بوجودٍ كبيرٍ والعمل بحرية داخل البلاد، وصلاتها بـ"الحرس الثوري الإسلامي الإيراني"، ودعمها – خلال فترات مختلفة – للمقاتلين الإرهابيين الأجانب المتجهين إلى المنطقة. (ومن اللافت أن الشرع نفسه كان أحد هؤلاء المقاتلين في السنوات الأولى من الصراع في العراق).
يتمتع وزير الخارجية بصلاحية واسعة لتحديد من يجب أن يكون على القائمة، إذ تستوفي الدول المعيار إذا "قدّمت دعماً متكرراً لأعمال الإرهاب الدولي". وتُظهر أمثلة أفغانستان ولبنان مدى المرونة المتاحة للوزير في هذا المجال. وحتى عندما تولّى "حزب الله" دوراً رسمياً في الحكومة اللبنانية عام 2005، وسيطرت "طالبان" على أفغانستان عام 2023، لم تُصنّف واشنطن أياً منهما كدولةٍ راعيةٍ للإرهاب.
أداء سوريا في مكافحة الإرهاب
اتخذت الحكومة الجديدة في دمشق خطواتٍ جدّية للقضاء على استخدام سوريا كمحور عبورٍ للأسلحة والأموال الإيرانية ولـ"حزب الله"، في تناقضٍ حادٍ مع نهج نظام الأسد. كما عملت ضد تنظيم الدولة الإسلامية؛ ففي وقت مبكر من عام 2013، كان لدى الشرع خلافٌ كبيرٌ مع سلف التنظيم، "الدولة الإسلامية في العراق"، بل وتعاونت مع واشنطن في عددٍ من العمليات المستهدفة. وأنشأت سوريا وحدةً عسكريةً مخصصة لدمج المقاتلين الأجانب الذين كانوا جزءاً من القوات التي أطاحت بالأسد. كما وافقت وزارة الخارجية الأمريكية – عند إلغاء تصنيف "هيئة تحرير الشام" كمنظمة إرهابية أجنبية في تموز/يوليو – على رأي الشرع، زعيم المجموعة، بأنها حُلّت.
ومع ذلك، من الأفضل أن تتحرك إدارة ترامب بوتيرةٍ مدروسة في هذه العملية، حتى لو كانت المبررات لإزالة تصنيف سوريا مثاليةً على الورق. فهناك حاجة إلى مزيدٍ من الوقت لتقييم أداء الحكومة السورية تقييماً كاملاً في هذا المجال، خصوصاً في كيفية تعاملها مع القضايا المتعلقة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب. ومن الضروري أن تحصل واشنطن على مزيدٍ من الوضوح بشأن المقاتلين الذين يُدمجون في الحكومة، والأدوار التي سيؤدونها، وما ستفعله الحكومة حيال أولئك الذين لا يمكن – أو لا ينبغي – دمجهم. ووفقاً لباراك، قبلت الولايات المتحدة خطة الشرع لدمج مقاتلين أجانب مختارين شرط توافر شفافية كاملة. إلا أن الشفافية – وإن كانت حيوية – ينبغي أن ترافقها عملية تحقق صارمة تضمن أن من يخدمون في الحكومة قد تركوا بالفعل ماضيهم الجهادي خلفهم.
إلى جانب ذلك، ما زالت هناك ثغرات في أداء سوريا فى مجال مكافحة الإرهاب – وهو أمر غير مفاجئ لحكومةٍ ناشئةٍ ذات موارد وخبرة محدودة. فمع أن الإرادة السياسية قد تكون موجودة، تبقى قدرة سوريا على منع إيران و"حزب الله" من استغلال أراضيها غير مثبتة بعد. كما أن التعاون بشأن تنظيم الدولة الإسلامية محدود إلى الآن، وتكافح الحكومة أيضاً لدمج قوات سوريا الديمقراطية بصورةٍ فعالة، ما قد يؤثر في جهود مكافحة الإرهاب. علاوة على ذلك، لم تتفق حكومة الشرع بعد على خطةٍ لتحمّل المسؤولية عن مراكز احتجاز مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا – الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" – حيث لا يزال آلاف المقاتلين الأجانب قيد الاحتجاز.
مع ذلك، يمكن لإدارة ترامب أن تحاجج – على نحوٍ معقول – بأن إزالة تصنيف سوريا كدولةٍ راعيةٍ للإرهاب ستمكّن واشنطن من تقديم المساعدة اللازمة لدمشق لتعزيز قدراتها في مكافحة الإرهاب ومعالجة بعض هذه الثغرات. وقد يشمل ذلك التمويل بموجب صندوق التدريب والتجهيز لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا التابع لوزارة الدفاع، إضافةً إلى حسابات برامج منع الانتشار ومكافحة الإرهاب وإزالة الألغام والبرامج ذات الصلة في وزارة الخارجية.
مساران لإزالة سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب
هناك مساران محتملان لإزالة سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وكلاهما استُخدم في مناسبات متعددة سابقاً. الأول هو شهادة من الرئيس أمام الكونغرس بأن الحكومة المعنية لم تدعم الإرهاب الدولي خلال الأشهر الستة الماضية، إلى جانب ضمانات من تلك الحكومة بأنها لن تستأنف هذا الدعم مستقبلاً. وبعد خمسةٍ وأربعين يوماً من إخطار الكونغرس، يمكن إزالة ذلك البلد رسمياً.
الخيار الثاني هو أن يشهد الرئيس بحدوث "تغيير جوهري" في الحكومة، وأنها لم تعد متورطةً في أي نوعٍ من النشاط الإرهابي. ويجب أن تقدّم تلك الحكومة أيضاً للولايات المتحدة ضمانات بأنها لن تنخرط في نشاطٍ إرهابي من جديد.
الحفاظ على النفوذ أثناء الشطب من القائمة
إذا مضت إدارة ترامب قدماً في رفع تصنيف سوريا كدولةٍ راعيةٍ للإرهاب، فعليها الإصرار على ضماناتٍ مكتوبةٍ قوية من حكومة الشرع. وينبغي أن تتضمن هذه الوثيقة – إلى جانب التعهد بالتخلي عن أي نشاطٍ إرهابي – التزاماتٍ أوسع في مكافحة الإرهاب تتصل بتنظيم الدولة الإسلامية وإيران ووكلائها والمقاتلين الأجانب. وهذا النهج يتسق تماماً مع سوابق العملية في مراتٍ سابقة. وعلى وجه التحديد، ينبغي أن تلتزم الحكومة السورية بما يلي:
• التعاون الكامل مع الولايات المتحدة والدول الأخرى في التحالف – بما في ذلك التعاون العملياتي – لمنع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية داخل أراضيها.
• تطوير خطة انتقالية لمرافق احتجاز مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية ومخيمات النازحين التي تضمّ أفراد عائلات التنظيم.
• فرض سياسة عدم تسامح مطلق مع الإرهاب على المقاتلين الأجانب الذين يُدمجون في الجيش السوري.
• رفض السماح للمقاتلين الأجانب المرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية بتقلّد مناصب حكومية.
• التعاون الكامل مع الولايات المتحدة وشركائها لمنع إيران و"حزب الله" من العمل على الأراضي السورية.
• الانضمام إلى المنتديات التي تقودها الولايات المتحدة لمواجهة الإرهاب الإيراني (مثل مجموعة تنسيق إنفاذ القانون ومنتدى مكافحة الإرهاب العابر للحدود) والتعاون مع أعضائها.
وإذا قررت الإدارة بالفعل إزالة تصنيف سوريا، فمن الأفضل أن يتم ذلك عبر بند المراجعة لستة أشهر؛ إذ إن تأكيد أن سوريا لم تعد دولةً راعيةً للإرهاب استناداً إلى بند "التغيير الجوهري" قد يبعث برسالة مفادها أن الإدارة راضية عن الوضع القائم، ما يتركها بنفوذٍ ومرونةٍ أقل مستقبلاً. وتُظهر حالتا كوبا وكوريا الشمالية أن العقوبات التي أُزيلت باستخدام بند المراجعة لستة أشهر يمكن إعادة فرضها بسهولةٍ نسبياً. في المقابل، لا توجد سوابق لإعادة بلدٍ أُزيل عبر بند "التغيير الجوهري" إلى القائمة لاحقاً. وربما يرتبط ذلك بدرجةٍ أقل بعقباتٍ قانونية، وأكثر باعتبارات الرسائل والصورة العامة، وهو ما ينبغي أن تأخذه الإدارة بالحسبان عند اتخاذ قرارها.
توجد سوريا أيضاً على قائمة "الدول غير المتعاونة بشكلٍ كامل" في جهود مكافحة الإرهاب، والتي تفرض مجموعةً من قيود مراقبة الصادرات. وقد أعلنت وزارة الخارجية هذا الإدراج في اليوم السابق لاجتماع ترامب بالشرع. ويلزم الوزارة تحديث القائمة سنوياً، ما يعني أن سوريا ستخضع للمراجعة مجدداً في ربيع 2026. ونظراً لعدم استقرار هذه الملفات حتى الآن، فمن الضروري أن تجد إدارة ترامب مساراً يرفع فرص نجاح سوريا مع الاستمرار في محاسبة الحكومة الجديدة على أفعالها.