
- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
ردود فعل حذرة من الأكراد الإيرانيين على الصراع بين إسرائيل وإيران

تظل جماعات المعارضة الكردية الإيرانية ملتزمة بتغيير النظام في إيران، لكن هناك عوامل خارجية وداخلية ساهمت في سياسة الحذر التي تعاملت بها مع الصراع الأخير. تظل جماعات المعارضة الكردية الإيرانية ملتزمة بتغيير النظام في إيران، لكن هناك عوامل خارجية وداخلية ساهمت في سياسة الحذر التي تعاملت بها مع الصراع الأخير.
في أعقاب الضربات الإسرائيلية الأخيرة على إيران، وتصاعد دعوات تل أبيب لتغيير النظام، أصدرت الجماعات الكردية المعارضة الرئيسية في إيران بيانات تدين الجمهورية الإسلامية، لكنها لم تؤيد بالضرورة أهداف الحرب. وبصفتها جماعات معارضة خاضت صراعاً طويلاً مع الجمهورية الإسلامية امتد لعقود - أصدرآية الله الخميني فتوى للجهاد ضد الأحزاب الكردية في إيران عام 1979 – فقد جاءت جميع بيانات هذه الجماعات مكررة لموقفها المعتاد. ومع ذلك، قوبلت دعوات إسرائيل إلى تغيير النظام برد حذر ومتشكك من قبل الأحزاب الكردية الإيرانية. والآن بعد إعلان وقف إطلاق النار، تخشى هذه الأحزاب من حملة قمع في المناطق الكردية في إيران في أعقاب الصراع، على غرار الفترات السابقة التي أصبحت فيها المناطق الكردية الإيرانية كبش فداء للنظام.
تطور الأحزاب السياسية الكردية الإيرانية
توجد عدة أحزابٍ كرديةٍ إيرانية يتخذ معظمها من كردستان العراق مقرا لها منذ الثمانينيات، عندما نُفيت بعد خسارتها المعركة ضد النظام في أعقاب ثورة عام 1979. وعلى الرغم من امتلاكها رؤية مشتركة لتعزيز دور الأكراد في إيران، فإن هذه الجماعات تختلف من حيث الدوافع الأيديولوجية والديناميات التنظيمية، مما أثر على ردودها تجاه الصراع. ومن الصعب تقييم مدى شعبية أيٍّ من هذه الأحزاب داخل كردستان الإيرانية، أو حتى قياس حجم التأييد الذي تحظى به المعارضة الكردية الإيرانية بشكلٍ عام. ومع ذلك، فإن قدرتها على حشد أصحاب المتاجر لإغلاق متاجرهم في إضرابات عامةبشكل منتظم، كما حدث خلال احتجاجات جينا (مهسا) أمينيفي عام 2022، تشير إلى أنها لا تزال تحظى بقاعدةِ دعمٍ ملحوظة داخل كردستان الإيرانية.
أقدم حزبين هما الحزب "الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني"- (PDKI) الذي تأسس في عام 1945، وحزب "كومالا"، الذي تأسس في عام 1969. تقع قاعدة الدعم التقليدية لـ"الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني" في منطقة مكريان، التي تضم مدن مهاباد وبوكان وسردشت وأوشنافيه، ويدعو الحزب إلى إقامة إيران ديمقراطية واتحادية.استند برنامج حزب "كومالا" الأصلي، الذي وضعه طلاب ومثقفون أكراد في طهران، إلى مبادئ العلمانية والديمقراطية والحكم الذاتي الكردي في إيران موحدة. وقد طور الحزب لاحقاً قاعدة دعمفي منطقة سنندج - مريوان. ومع ذلك، تعرّض حزب "كومالا" لانقسامات أفرزت فرعين على الأقل، جميعها مقرها في السليمانية، ولها اتجاهات أيديولوجية مختلفة، منها "الحزب الشيوعي الإيراني" بقيادة إبراهيم علي زاده، وحزب "كومالا الإيراني في كردستان" بقيادة عبد الله مهتدى.
وهناك أحزاب أخرى تأسست مؤخراً وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحركات الكردية النشطة في أماكن أخرى من المنطقة. فقد تأسس "حزب الحياة الحرة الكردستاني"- (PJAK) التابع لـ"حزب العمال الكردستاني (PKK) "الذي تم حله مؤخرا - في عام 2004. ويتبنى الحزب أيديولوجية" حزب العمال الكردستاني" المتمثلة في الكونفدرالية الديمقراطية. وقد أدرجت إدارة أوباما "حزب الحياة الحرة الكردستاني" على قائمة المنظمات الإرهابية في عام 2009، وتوصل الحزب الى اتفاق لوقف إطلاق النار مع إيران في عام 2011. وقد نشطت الجماعة في محافظتي كرمانشاه وإيلام، وكذلك في المناطق الناطقة بالكرمانية - وهي اللهجة الكردية التي تستخدم بشكل رئيسي في سوريا وتركيا - حول أورمية. وعلى الرغم من أن "حزب العمال الكردستاني" أعلنأنه سيحل نفسه في أيار/مايو، إلا أن حزب الحياة الحرة لكردستان صرحأنه لن يتخلى عن أسلحته.
وهناك حزب آخر - كان يُعرف في الأصل باسم "اتحاد ثوار كردستان" عندما تأسسفي عام 1991، ثم أعيدت تسميته إلى "حزب الحرية الكردستاني (PAK) "في عام 2006 - بقيادة حسين يزدانباناه، وهو أحد الأحزاب الكردية الأكثر قومية، إذ يهدفإلى تحرير كردستان من” الاستعمار" وإقامة دولة كردية وطنية. وعلى خلاف معظم الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة التي تتخذ من أراضي "الاتحاد الوطني الكردستاني" أو من أراضي "الحزب الديمقراطي الكردستاني" مقراً لها، فإن هذا الحزب يتخذ من محافظة أربيل مقراً وحيداً له ويتمتع بعلاقات جيدة مع "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الحاكم في المنطقة، وقد انضم إلى القتال ضد تنظيم "داعش"، ودافع عن أربيل في عام 2017 في مواجهة قوات "الحشد الشعبي" المدعومة من إيران والجيش العراقي.
وهناك تقارير عدة جماعات أصغر حجماً تشمل حركات إسلامية و"منظمة كردستان الإيرانية" النضالية بقيادة بابا شيخ حسيني، التي تقول إنها تناضلمن أجل الحكم الذاتيللأكراد وإقامة نظام سياسي ديمقراطي وبرلماني، ولها بعض الصلات بمجاهدي خلق. ومع ذلك، فإن الأحزاب الأربعة المذكورة أعلاه مثل "الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني"، وحزب "كوملا"، و"حزب الحياة الحرة الكردستاني"، و"حزب الحرية الكردستاني"، تمثل الجوانب الأكثر نشاطاً ووضوحاً في السياسة الكردية الإيرانية.
تجديد الدعوات إلى تغيير النظام، بحذر
بينما يدعو كل حزب إلى تغيير النظام كجزء من برنامجه، اختلفت المواقف العلنية لتلك الأحزاب تجاه الضربات الإسرائيلية الأولية بشكل كبير. ففي 13حزيران/يونيو، رحب" حزب الحرية الكردستاني" بالهجوم الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية ودعي إلى انتفاضة وطنية. وكان الحزب "الديمقراطي الكردستاني الإيراني" وحزب "كومالا" أكثر حذراً. كما دعا الحزب على منصة "إكس" إلى الإطاحة بالنظام وإنهائه، مشيراً إلى أن الصراع هو” نتيجة لسياسات الجمهورية الإسلامية“، في حين ألقىعبد الله مهتدي، زعيم الفرع الأكثر نشاطاً في حزب "كومالا"، باللوم على النظام في الأزمة.
على النقيض من ذلك، عارض "حزب الحياة الحرة الكردستاني" الحرب وانتقدكلاً من إسرائيل وإيران، داعياً إلى تطبيق الحكم الذاتي على غرار "حزب الاتحاد الديمقراطي" الشقيق في سوريا. وأوضح شمال بشير، وهو عضو سابق في "حزب الحياة الحرة في كردستان"، الأسباب المحتملة وراء هذا الموقف، في مقابلة أجريت خلال الصراع، حيث قال: "يحرص "حزب الحياة الحرة في كردستان" على ألا يتيح عدم نشاطه فرصا للخصوم، مثل "الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني"، مع تجنب أي إجراءات متسرعة قد تعرض للخطر فرصة التوصل إلى ترتيب سياسي مشابه لما تفاوض عليه "حزب الاتحاد الديمقراطي" مع نظام الأسد. كما سعت خطاب "حزب الحياة الحرة في كردستان" إلى استمالة الرأي العام الإيراني، فجاء فيه: "في الوقت نفسه، ومع تزايد الاستقطاب في المجتمع الإيراني بين الفصائل المؤيدة للحرب وتلك التي تقف إلى جانب النظام وتدين إسرائيل، يسعى "حزب الحياة الحرة في كردستان" إلى وضع نفسه كـ"بديل ثالث".
وأضاف بشير أنه بصرف النظر عن الخطابات، فإن معظم الأحزاب السياسية الكردية تتردد في أداء دور علني أو التحرك سريعا في المراحل الأولى من أي تغيير محتمل للنظام، كما يتبين من ردودها على الصراع. ويرى هؤلاء أن أي انتفاضة ناجحة ينبغي أن تبدأ في المدن الإيرانية الكبرى، مثل طهران، لا في المناطق التي يحظون فيها بدعم. كما أن الاحتجاجات المعزولة في المناطق الكردية - كما هو الحال في مناطق الأقليات الأخرى في إيران - أشد عرضة لقمع شديد من قبل النظام.
كما شدد مهتدي خلال الصراع على التحديات الجوهرية المرتبطة باتخاذ خطوات منفردة نحو تغيير النظام، مشيراً إلى أنه "حتى قبل الهجوم الإسرائيلي، كانت هناك إمكانية لاندلاع انتفاضة، لكن لم يدع أحد لانتفاضة في كردستان (الإيرانية)، والناس يترقبون وينتظرون التطورات. الناس يتحلون بالحذر ويخشون الانتقام الوحشي من قبل النظام". وكرر المتحدث باسم "حزب الحرية الكردستاني"، خليل نادري، هذه النقطة: "أما بالنسبة للانتفاضة، فقد انتفض شعبنا وأمتنا في ثورة جينا (أميني)، ولم يدعمنا أحد".
كما سلط مهتدى الضوء على الحاجة لحركة وطنية تؤثر على نهج حزب "كومالا" في التحالفات مع الجماعات الإيرانية الأخرى، مشيراً إلى أنه لا يكفي أن يكون للأكراد علاقات مع الأقليات الأخرى النشطة سياسياً، مثل البلوش أو عرب الأحواز، لكننا، "نحتاج إلى دعم الغالبية العظمى من الشعب الإيراني - السكان الناطقين بالفارسية وغيرهم. يجب أن يكون ذلك على نطاق وطني".
بصرف النظر عن التحديات داخل إيران، فإن الأحزاب الكردية الإيرانية مقيدة أيضاً بواقع وضعها في المنفى في إقليم كردستان العراق. حيث سعى القادة السياسيون في إقليم كردستان العراق إلى الابتعاد عن الصراع بين إسرائيل وإيران خوفاً من رد إيراني مشابه للضربة الصاروخية الباليستية التي قتلترجل الأعمال الكردي البارز بيشراو ديزايي في 15 يناير 2024. كما استهدفتإيران الأحزاب الكردية الإيرانية بعمليات اغتيال وطائرات مسيرة وضربات صاروخية منذ عام 2018، بما في ذلك خلال احتجاجات جينا أميني في عام 2022. ولهذه الغاية، أدانترئاسة إقليم كردستان الهجوم الإسرائيلي على إيران، وأجرى رئيس إقليم كردستان مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في 17 حزيران/يونيو. وبالمثل، رحبقادة "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بسرعة بوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل عند الإعلان عنه. كما رحبت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية بهذا الموقف، وأشادت للدور المهم الذي لعبه رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في كبح تحركات الأحزاب الكردية الإيرانية.
كما أن لإقليم كردستان التزام رسمي بنزع سلاح الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة؛ ففي أذار/مارس 2023، وقّعالعراق اتفاقية أمنية حدودية مع إيران لنزع سلاحهذه الأحزاب المعارضة وإخراجها من الحدود. وبعد اندلاع النزاع، كرر رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني التزام إقليم كردستان بالاتفاق، وأكد زعيم "كومالا" مهتدى أن الاتفاق لا يزال سارياً:” الاتفاق الأمني ومتطلباته لا تزال قائمة. لم يتغير شيء. لم نقوم بأي تحركات مهمة لخرق هذا الاتفاق". وفي معرض شرحه قال إن "كومالا" لا يزال يمتلك مكاتب في المناطق الحدودية بين العراق وإيران، وان الحزب لم يعبر الحدود منذ سنوات عديدة" على الرغم من ادعاءات طهران المتكررة بعكس ذلك.
ومع ذلك، لا تواجه جميع الأحزاب الكردية الإيرانية نفس القيود في إقليم كردستان العراق. ففي حين حافظت جبهة أزاد جاناتي "حزب الحياة الحرة الكردستاني" على وقف إطلاق النار الذي تفاوضت عليه بشكل مستقل مع إيران منذ عام 2011، فإنها تعمل في مناطق خارج سيطرة حكومة إقليم كردستان، ولا سيما في الأراضي التي يسيطر عليها "حزب العمال الكردستاني" في جبال قنديل على طول الحدود الكردية بين العراق وإيران. ويصف بشير هذا الترتيب قائلاً: "تم نزع سلاح الأحزاب الكردية الإيرانية إلى حد كبير وحصرها في مخيمات اللاجئين في السليمانية نتيجة لاتفاق أمني بين الحكومة العراقية والنظام الإيراني... وأن حزب الحياة الحرة الكردستاني" هو المنظمة الوحيدة التي لها وجود عسكري فعال داخل المناطق الريفية الإيرانية“. وتزعم أحزاب كردية أخرى أن لديها وحدات عملياتية يمكن تفعيلها عند الحاجة.
بالإضافة إلى هذه القيود المفروضة من الخارج، أعربت العديد من أحزاب المعارضة الكردية عن عدم ثقتها في ادعاءات إسرائيلبرغبتها في تغيير النظام التي صدرت خلال الحرب. وكما قال نادري، المتحدث باسم "حزب الحرية الكردستاني ": "ليس لدينا أي اتصال بإسرائيل ولا بالولايات المتحدة. لا يوجد بديل للنظام ولا توجد مؤشرات واضحة على ما ستكون عليه النتيجة".
كما أثرت التصورات السائدة بأن إسرائيل تدعمرضا بهلوي، نجل الشاه المخلوع، وصمتها الملحوظ بشأن قضية حقوق الأكراد أو الأقليات في إيران – على عكس دعمهاالصريح لهم في سوريا - على تصورات الأكراد الإيرانيين لدور إسرائيل المحتمل في سيناريو تغيير النظام في إيران. يتبنى الملكيون الفارسيون رؤية لإيران مركزية تختلف كثيراً عن مطالب الأكراد بمزيد من الحكم الذاتي، مما يحد من قدرة أو رغبة المجموعتين المعارضتين في التنسيق. في حين كان مهتدى في البداية جزءاً من تحالف المعارضة من أجل الحرية والديمقراطية في إيران الذي تشكل في عام 2023 رداً على احتجاجات جينا أميني وضم بهلوي، سرعان ما انهار هذا التحالف المعارض.
تقييم تأثير وقف إطلاق النار في كردستان الإيرانية
الآن بعد انتهاء المعركة بين إسرائيل وإيران، تخشى الأحزاب الكردية الإيرانية من حملة قمع تستهدف الأكراد داخل إيران. إذ بدأ النظام الإيراني بشنّ حملة اعتقالات واسعة النطاق، تم خلالها اعتقال 734 شخصاًعلى الأقل في جميع أنحاء إيران، من بينهم أكثر من ٣٠٠ شخص في المدن الكردية. وقد اعتقل العديد من الأشخاص الذين شاركوا في احتجاجات جينا أميني في 2022-2023، بل أُعيد اعتقال بعضهم بالفعل. هناك أيضاً مخاوف من تكرار المذابح الجماعية التي وقعت في عام 1979، حين قُتل نحو عشرة آلاف كردي، وحُكم على آلاف آخرين بالإعدام. وقال عبد الله مهتدي:
"لا تزال احتمالات وقوع مجزرة قائمة. لقد اعتقلوا العديد من الأشخاص، ليس فقط في كردستان، بل أيضاً في مناطق أخرى من إيران، وبدأوا بتنفيذ الإعدامات. يجب على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي التدخل لمنع وقوع هذه المجزرة." وأفادت منظمة "هنغاو" لحقوق الإنسان، ومقرها في أوسلو، أنه بين ١٦ و٢٥ حزيران/يونيو ٢٠٢٥، تم إعدام ستة سجناء سياسيين في سجون متفرقة داخل إيران، من بينهم اثنان من الأكراد الإيرانيين، وآخر من كردستان العراق.
وأضاف نادري، المتحدث باسم حزب الحرية الكردستاني “نأمل ألا ينسى المجتمع الدولي، في خضم هذا الصراع، سياسة القمع والعنف الذي ينتهجها النظام الإيراني ضد الأكراد والأقليات العرقية الأخرى التي تسعى إلى الحرية".
إستشراف دور محتمل في عملية تغيير النظام
حتى الآن، لا توجد مؤشرات واضحة على اندلاع انتفاضة ضد النظام في المستقبل القريب، بعد انتهاء الصراع بين إسرائيل وإيران. ومع ذلك، لم يستبعد عبد الله مهتدى، خلال فترة النزاع، احتمال اندلاع انتفاضة جديدة ضد النظام. بالطبع، هناك احتمال كبير. يعاني الناس من صعوبات اقتصادية، وانعدامِ الأمن، والقمع، ونقص الخدمات الأساسيـة. السخط العام واسع الانتشار، وشرعية النظام الإيراني تتآكل بسرعة...في السنوات الأخيرة - حتى قبل الحرب - كانت هناك بالفعل علاماتٌ وأعراض على الانهيار. لم تتمكن الحكومة من توفير الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء، والغاز، والخبز، والوقود، والمياه. لذا، نعم، إيران على شفا انتفاضة - أو على الأقل احتجاجاتٍ مستمر ة - منذ سنوات".
كما قال ممثل "الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني" في الولايات المتحدة، أراش صالح، إن "قوات البيشمركة كانت دائماً على استعداد للعب دور استراتيجي ومستقر في حالة انهيار النظام". حتى الآن، لا توجد أي مؤشرات على وجود معارضة منظمة أو انتفاضة ضد النظام في المستقبل القريب. فالصراع الحالي قد انتهى؛ ولكن إذا ظهرت علامات على انهيار النظام في المستقبل، فقد تسعى الأحزاب الكردية الإيرانية إلى لعب دوراً في إضعاف النظام عبر الحدود في إقليم كردستان الإيراني، حتى لو أن قيادة هذا النوع من الجهود من دون دعم واسع النطاق تُعد أمراً خطيراً على المجتمع الكردي داخل إيران.
ورغم أن بعض هذه الأحزاب غير مُسلح حالياً، فإن بعضها الآخر - مثل "حزب الحرية الكردستاني" - سبق أن شارك بقواته في الحرب ضد تنظيم "داعش"، ودافع عن كردستان العراق في عام 2017، عندما حاولت جماعات مسلّحة مدعومة من إيران، إلى جانب الجيش العراقي، دخول العاصمة الكردية عقب استفتاء الاستقلال في ذلك العام. ونتيجة لذلك، اكتسبت هذه الجماعات خبرة في العمل مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش"، وحصلت بالتالي على تدريبوأسلحة، مما قد يكون عزز ثقتها بقدرتها على إعادة تشكيل نفسها عسكرياً في إقليم كردستان الإيراني.
على الأقل في السر، مثل هذا السيناريو يدور في ذهن عضو واحد هذه الأحزاب الكردية؛ فقد أكد أحد الأعضاء الذي رفض كشف هويته " إن الأكراد يمكن أن يشكلوا محوراً فاعلاً في تقويض مبادئ العسكرة، وإرهاب الدولة، والأصولية، بما يسهم في إرساء الديمقراطية في المنطقة.... وضمان أمن المواطنين وحرية الطوائف الدينية والعرقية". ورغم أن هذه الرؤية قد تكون طموحة، إلا أنها تسلط الضوء على الكيفية التي تتصور بها المعارضة الكردية الإيرانية ذات المكونات العسكرية السابقة أو الحالية دورها المحتمل في حالة اندلاع انتفاضة وطنية.
في الوقت الراهن، لا توجد مؤشرات مباشرة على أن الصراع مع إسرائيل قد أدى إلى زعزعة استقرار النظام الإيراني إلى الحد الذي يجعل الانهيار الداخلي وشيكاً. وبناءً على ذلك، وفي ظل مواصلة إيران حملتها القمعية ضد من تصنفهم كأعداء داخليين، يُرجح أن تظل الأحزاب الكردية الإيرانية متحفظة في العلن، بينما تسعى بجدية إلى تجنيب الأكراد داخل إيران المزيد من تداعيات الحرب.