العراق والصحوة الإقليمية

 

شبكة النبأ: بعد ثماني سنوات من النظر فقط نحو الداخل، أخيراً بدأ العراق ينظر إلى ما هو أبعد من حدوده. وقد أيد العراق حتى الآن التغييرات التي حدثت في تونس ومصر، لكنه تحدث بصوت عال فقط في أعقاب حدوث التغيير في الحكومة في تونس، وقدم فقط دعماً خطابياً للمظاهرات المصرية قبل ثمانية أيام من تنحي مبارك.

فيرى (احمد علي) الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى في تحليل نشر مؤخرا، ان هناك تناقض مثير للدهشة، فيقول، كان للعراق رد فعل أنشط على الأحداث التي تنكشف وتتطور في البحرين وليبيا. ويقيناً، فقد تغير موقف العراق من وضع إلى آخر، لكن القاسم المشترك هو أن ردود الفعل الشعبية والحكومية تشير إلى ثقة العراق وطموحه في استخدام خبرته السياسية كنموذج إقليمي لدول تخرج من عهود ديكتاتورية.

ويتابع احمد، فيما يخص ليبيا فوفقاً لبيان صدر في 21 آذار/مارس، ألقت حكومة العراق بثقلها الكامل خلف جهود المجتمع الدولي لفرض منطقة حظر طيران، وجهوده "لحماية الشعب الليبي... ومنع أية ممارسات قمعية من قبل نظام القذافي ضد شعبه".

ويرى احمد علي في تحليله، على النقيض من ذلك، كان رد فعل بغداد على الأحداث في البحرين أكثر تعبيراً عن كيفية رؤية العراق لدوره المستقبلي في المنطقة. وفي أعقاب نشر "قوات درع شبه الجزيرة" من جانب دول "مجلس التعاون الخليجي" في البحرين، كانت هناك إدانة فورية من قبل كبار الشخصيات والجماعات الشيعية العراقية، ومن بينهم آية الله العظمى علي السيستاني ومقتدى الصدر. وبالإضافة إلى ذلك، في 16 آذار/مارس صرح رئيس الوزراء نوري المالكي أن نشر الملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لقوات في البحرين "سيهسم في تعقيد الأوضاع ... وقد يؤدي إلى تأجيج العنف الطائفي." وأخيراً، شهدت جلسة مجلس النواب في 17 آذار/مارس نقاشاً شمل أعضاءاً يدعون إلى أن يلعب العراق دوراً في التوسط لتخفيف التوترات، وتخصيص خمسة ملايين دولار لمساعدة شعب البحرين، وتعليق العلاقات الدبلوماسية، وطرد سفير البحرين في العراق، مع دعوات بالقيام باحتجاجات دعماً للشعب البحريني. وقد وقعت بالفعل احتجاجات في عدة مدن عراقية، وُصف فيها الوضع في البحرين بأنه إبادة جماعية ونشر القوات بأنه غزو أجنبي، وتم خلالها توجيه انتقادات شديدة نحو السعودية.

وينوه احمد، إلى حد ما، وفرت الاحتجاجات الشعبية مهلة للحكومة العراقية التي تكافح من أجل التعامل مع المطالب الجماهيرية الأخيرة لتوفير خدمات أفضل. كما أن المظاهرات قدمت أيضاً للعراقيين قناة لتأكيد صوتهم في النقاش السياسي. ورغم أن مجموعة من السياسيين العراقيين من جميع الطوائف كانت قد انتقدت نشر قوات لدول "مجلس التعاون الخليجي"، إلا أن الطبقة السياسية الشيعية العراقية قد رأت هذه اللحظة فرصة للتعبير عن تضامنها مع شيعة البحرين. إن الرغبة في إظهار التضامن الشيعي الانتقالي قد أثبتت أنها أكثر أهمية للمرجعية الدينية للشيعة العراقيين في النجف. ويقال أن هذه المرجعية التي تتنافس مع قُم الإيرانية كمركز للتعليم الشيعي رفضت مقابلة قنصل البحرين في النجف الذي كان يسعى للحصول على مساعدتها في التوسط للحد من التوترات الطائفية في البحرين. ومن المرجح أن المرجعية قد رأت الأحداث كفرصة لكي تكون قاعدة دعم لشيعة البحرين حيث يتبع الكثير منهم آية الله العظمى البارز في النجف علي السيستاني. وقد جاء رد الحكومة السريع أيضاً نتيجة العداء المستمر القائم منذ فترة طويلة بين رئيس الوزراء نوري المالكي والعاهل السعودي الملك عبد الله.

ويؤكد ايضا، إن الخطوة الوحيدة التي شكلت مجازفة للعراق كانت رده على المظاهرات في مصر. ففي السنوات الأخيرة كانت مصر تحت رئاسة مبارك منفتحة على تقبل عراق ما بعد 2003. وقد غامر العراق بالتأكيد على وقوفه إلى جانب الشعب المصري قبل إجبار مبارك على التنحي. بيد، لا يمكن القول الشيء نفسه فيما يتعلق بدعم الشعب الليبي ضد معمر القذافي، حيث كانت للقذافي علاقات متوترة مع الحكومة العراقية منذ عام 2003. ويبقى أن نرى كيف سيكون رد فعل السياسيين الشيعة العراقيين لو حدثت احتجاجات موالية للديمقراطية في إيران المجاورة، لا سيما وأن الكثير من هؤلاء السياسيين يعتبرون إيران حليفاً.

وأخيراً يختتم تحليله، لو تصور العراق نفسه كنموذج إقليمي يُحتذى به كمجتمع منفتح مع نظام سياسي مفتوح، ستكون مصداقيته على المحك إذا لا يقوم بتطبيق هذا النموذج داخلياً من خلال ضمان حرية تجمع كاملة للشعب العراقي.

نبذة عن معهد واشنطن

الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 27/آذار/2011 - 21/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م